الاقتصاد الدائري – المُدّور
Circular Economy
هو مصطلح الاقتصاد المبني على إعادة تدوير أو إعادة تأهيل الأشياء والاستفادة منها لتعزيز عوامل الاقتصاد والاستثمار في المجتمعات الحضرية، وهو يختلف عن مصطلح الممارسات الاقتصادية الذكية (Smart Economic Practices)، الذي سبق تناوله وصياغة تعريف مُختصر له في مقال سابق منشور في مدونتي هذه، يحمل عنوان دور الممارسات الاقتصادية في المدن الذكية.
ساتناول في هذا المقال، الحديث عن مفهوم قد يكون حديثاً أو موضوعا مهماً يتم تداوله أمامنا هذه الأيام، وهو كما تقدم الاقتصاد الدائري الذي يفرض نفسه من بين مفاهيم ومسميات كثيرة لاقتصاديات متموعة، والتي لا نغفل عنها هذه الأيام وأخرها الاقتصاد المعلوماتي Infonomics الذي استحوذ على اسماع المستمعين أمام الشاشات الفضائية وفي المؤتمرات المالية ولقاءات الإستثمار العالمية.
يأتي هذا النوع من الاقتصاد باعتباره مفهوماً حديثاً ومكملاً لمحركات استشراف المستقبل، ليندرج تحت إطار مفاهيم التنمية المستدامة. عند إنتاج ومعالجة وإدارة الموارد الطبيعية والخامات الأولية والأجهزة والمعدات الصماعية والأنتاجية، مع استغلالها والاستفادة منها بإعادة تدويرها أو تأهيلها لأكثر من مرة. حتى تتمكن المجتمعات من موازنة منصرفاتها المعيشية وتحافظ على بيئتها مستدامة، لها ولأجيالها القادمديين.
تعريف الاقتصاد الدائري
على ضوء ما سبق حتى الآن يمكننا صياغة تعريف مبسط للاقتصاد الدائري Circular Economy ((...الحد الأعلى من القدرات والآليات الخاصة بالمساءلة، والشفافية والموثوقية، لتمكين إدارة المدن الذكية من تحقيق خصائص التنمية والتسويق لاستقطاب التمويل الاستثماري وجذب مشاريع ريادة الأعمال...)).
أي أن مصطلح الممارسات الاقتصادية الذكية (Smart Economic Practices)، ما هو إلا منظومة اقتصادية متوافقة مع توجهات نظم الإدارة الرشيدة أو المبادئ التوجيهية لتدفق ممارسات الإدارة الرشيدة (الحوكمة المؤسسية)، والتي تنتهجها بعض الحكومات الحكومية والمؤسسات والشركات العامة، أو إدارة السياسات الاقتصادية في بعض المجتمعات بالمدن الذكية من خلال قطاعاتها وخدمات مؤسساتها الذكية، كما اتخذتها شعاراً لها مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة (DUBAI SME).في مدينة إمارة دبي الذكية، مقال: الممارسات الاقتصادية الذكية.
بينما حديثنا اليوم سيكون عن الاقتصاد الدائري، (أو الاقتصاد المبني على ممارسات إعادة التأهيل) ليُشكل قاطرة تقود منظومة اقتصادية أو استثمارية في مستقبل اقتصاديات الأعمال التجارية هذه الأيام على نحو أوسع، وأكثر تأثيراً وفاعلية وشهرة كما لدى الدول العظمى والمتقدمة، أي أكثر بكثير عما تتبناها الدول النامية من ممارسات تشغيلية ذات عوائد ملموسة تفتقد للحكمة في معالجتها.
لهذا يعد الاقتصاد الدائري (المُدور) منظومة حديثة تختلف نوعياً عن المنظومة التقليدية التي كانت سائدة في الماضي والمعروفة بالاقتصاد الأُحادي، عند إنتاج ومعالجة واستهلاك السلع المادية والأجهزة والأدوات من موارد الطبيعة المحدودة والخامات الأولية، أو حال استغلال الموارد القابلة للنفاذ منها، بفعل الطبيعة أو البيئة، حيث كان يتم استخدامها واستهلاكها لمرة واحدة فقط، دون مراعاة لظروف الطبيعة المتناقصة من حولنا، وتعرض معظمها للنفاذ. لينتج عنها تبعاً لما تقدم مشاكل عديدة منها النفايات التي لم يتم الاستفادة منها مرة أخرى.
لهذا ظهرت فكرة أو ظاهرة الاقتصاد الدائري أو المدور عالمياً منذ العام 1976م كمنظومة جديدة في غاية الأهمية، الهدف من هذه المنظومة القضاء على مبدأ الرأسمالية الاستهلاكية، التي سادت العالم لعقود طويلة، دون النظر إلى تأثيراتها العديدة وضرورة معالجة تحدياتها المترتبة عليها بتقليل الفائض أو إلغاء نسب الهدر العالية، والمخاطر النوعية والكمية في الموارد الطبيعية. والتي تشكل في مجموعها تحديات منظومة الاقتصاد الأحادي التي كانت سائدة إلى وقت قريب ومازالت حتى الآن في الدول النامية. بصور عديدة ومتنوعة.
لهذا اتجه العالم نحو معالجة هذه الإشكالية بالقيام عوضاً عن الاستهلاك الأحادي بتوفير طرق ووسائل تعتمد كلياً على بعض المعالجات الناجزة، منها عمليات إعادة تدوير وتأهيل الموارد الطبيعية والسلع والأجهزة المستخدمة باعتبارها مدخلات أولية أو مخرجات نهائية يمكن الاستفادة منها، ولا تحول طبيعتها أو خصائصها دون استخدامها لأكثر من مرة، لأنها غالباً ما تكون صالحة للاستفادة منها مرة أخرى، وذلك بالطبع إذا توفرت بعض الشروط المتعلقة بظروف المحافظة عليها والعمل على تقليل نسب الهدر فيها، عن طريق إعادة استخدامها ومعالجتها للاستفادة منها مرات عديدة.
ما أكثر حاجة دولنا على تبني وتطبيق مثل هذه النظم الاقتصادية في نوامس عملها وحراكها التفاعلي نحو مستقبل أفضل لأبنائها وأجيالها القادمة.
وهكذا نجد أن الموازنة بين استخدامها والمحافظة عليها ومعالجتها بغرض تقليل نسب الهدر في مكوناتها الطبيعية، هي عمليات أقرب لمفاهيم وإجراءات وتعليمات تدور حول "الحلقة الدائرية المغلقة" في خطوط إنتاج السلع والمنتجات، ومن ثم إعادة تصنيعها واستخدامها قبل التخلص النهائي منها، مع المحافظة على كفاءة استخدامها وجودتها سبيلاً إلى تعزيز مفاهيم الاستدامة البيئية واستدامة الموارد الطبيعية والخامات الأولية.
لتشكل أهداف التصميم المستدام (في الاقتصاد الدائري) ضمن أهدافها الكثيرة، في كيفية المساهمة في تحقيق أهداف المدن الذكية المتمثلة بالهدفين الرئيسين؛ الهدف البيئي والهدف الاقتصادي. بالإضافة للهدف الثالث الخيري، كما سنوضحها لاحقاً، ضمن الحديث أن الأهداف الرئيسية لأي مدينة ذكية. منطلقين من مبدأ رئيسي يحكم توجهات الاقتصاد العالمي، وهو أن إعادة تأهيل السلع والمنتجات والأجهزة الرقمية تُعد صورة من صور المساعدات الخيرية، تندرج تحت مؤشرات التنافسية العالمية، ومعاييرها الداعية إلى التكامل والتعاون بين دول العالم.
شخصياً تشرفتُ بأن أكون أول عربي تبني هذه الفكرة منذ عام 2006، وقمتُ بتصميم ووضع اللبنة الأولى لأول مراكز إعادة تأهيل الأجهزة الرقمية في المنطقة العربية وذلك لصالح مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية وبلدية دبي، مع دعم من شركة مايكروسوفت العالمية. كما أعددت أول دليل من نوعه عن أسس تأسيس وإدارة مراكز إعادة تأهيل الأجهزة الرقمية وتسجيله كملكية فكرة بوزارة الاقتصاد الإماراتية.
إن تعزيز متطلبات الإنتاج بتخفيض التكاليف وتقليل منصرفات التصنيع ومحاولات الحصول على أرباح وعوائد اقتصادية لم تكن الأسباب الوحيدة للاقتصاد الدائري، فهناك بُعد رابع لا يقل أهمية عن الأسباب الثلاثة الأولى، وهو تحقيق قيم مضافة ملموسة من جراء التقليل في تصنيع الأجهزة، أو التقليل من استخدام الموارد والخامات الطبيعية، بالإضافة إلى التقليل من استهلاك القدرة الناتجة عن استخدامها. أو الطاقة المستهلكة في الإنتاج، وبالتالي تحقيق أعلى مؤشرات الأداء في خطط الأداء الفردية (IPP) الخاصة بالاقتصاد وفي تحسين معايير الأداء الرئيسة (KPI) الأعمال والخدمات النهائية المتعلقة بالأمور المالية والعائد من استثمار المدينة الذكية.
بصورة عامة يمكننا الإقرار بأن الاقتصاد الدائري – أو المدور، عبارة عن مساهمة الفاعلة على تعزيز عوامل القدرة التنافسية لقطاعات الأعمال الصناعية والاقتصادية والإنتاجية في دولنا العربية بالمدن الذكية.
محاور الاقتصاد الدائري – المدور Circular Economy hubs
- المواد الأولية (الموارد والخامات الأولية) Raw materials
- نموذج العمل Business model
- حلقة دائرية مغلقة Closed loop
- التصميم المستدام (الدائري) Design for circularity
- التصميم الصديق للبيئة eco-design
- الطعام، الصناعة الخضراء Food, green industry
- التعايش أو التكافل الصناعي Industrial symbiosis
- خلق فرص العمل Job creation
- نسبة كربون منخفضة Low carbon
- الدعم اللوجستي، الإمداد الإداري Logistic for circularity
- تدفق المواد Material flow
- التعبئة والتغليف، البلاستيك، المنتج كخدمة Packaging, plastics, product as service.
- المدن المنتجة Productive cities
- إعادة تدوير الأشياء re-cycling
- نظام التجديد Regenerative system
- إعادة التأهيل Refurbish
- إعادة تصنيع المواد Remanufacturing
- كفاءة الاستخدام Resource efficiency
- إعادة الاستخدام Re-use
- إصلاح أو صيانة Repair
- سلسلة التوريد (الموردين) Supply chain
- الغزل والنسيج Textile.
- التعدين في المناطق الحضرية Urban mining
- مخرجات خالية من النفايات (صفر) Zero waste.
**الاقتصاد الأزرق** تصنيف يستخدم بشكل شائع في مجال الاقتصاد والزراعة والتنافس والتسويق وحفظ الأصول في بيئة اقتصادية سليمة تتمتع فيها المؤسسات بالتفرد والاستحواذ على النصيب الأكبر من الأسواق. خاصة فيما يعني استخدام البحر والمحيط وموارده من أجل التنمية الاقتصادية المستدامة Blue economy.