(1) الشغف (PASSION)
أن تكون شغوفاً في تحقيق طموحاتك وتطلعاتك في الحياة، هو أن تكون مؤمناً بفائض الاحتمال لديك، إيماناً قاطعاً بمواهبك ومهاراتك التي صقلت قدراتك الذاتية، وجلتها من شوائبها التي علقت بها في قادم الزمان.
كيف تكون شخصًا شغوفًا يسعى لتحقيق طموحاته ويأمل في حياة أفضل
روح شغفك حالة تسري في وجدانك دون استئذان منك، كمن يبحث على فائض الثراء، وهذا لعمري طلب الأحياء من الخلايا، سر الوجود الذي أودعه الله في مخلوقاته، في كل من يسبح لله تعالى حامداً لآلائه.
إذن الشغف، أن تكون مُتمسكاً بأمر جلل تعايشه في حياتك، لا تستطيع الفكاك مُغادراً عنه، أمر نشأت عليه مع إدراكك للحياة من حولك. أو فطرة إلهية حباك الله بها، حتى تشكلت إرادة إدراكك به، سلوكاً لضرورة حقيقية، مستفيداً من قدرات مواهبك الذاتية ومهاراتك المكتسبة.
الشغف، هو ما سنتناوله في مقال اليوم، منطلقين من ذات المنصة التي تطلق في ساحة قتال، رتل من زخات الشغف هجوماً، طالما تركنا العنان لملكات الابتكار، لتسمو بجناحيها بنا نحو تحقيق الشغف، لا تحول دوننا سوى قيود المنطق، وغرابة السلوك، إن لم يكن مقبولاً، محكوماً بمقتضى تداعيات الحياة التي نعيشها، شغفاً، حتى نغوص في أعماقه لنوضح ماهيته !!!.
فالشغف ما هو إلا نتاج ذلك المارد الكامن داخل كل إنسان مُدرك، عاقل، قادر على بناء سيناريوهات مستدامة للنجاح، مُستعيناً بعوامل الإدراك التام على تحقيق أهداف حياتية ذات معالم محددة، قابلة للقياس والتطبيق، متفق حولها على امتداد مدى زمني معين.
أهداف؛ لغايات وآمال وطموحات، متدفقة بطبيعتها، مندفعة بغريزتها، وقد استحوذت على أفكارك، وتملكتك في توجيه سلوكك ملتصقاً بك، مما أوجب صعوبة الفكاك منها. حدساً ملبوساً يشد إليه قناعاتك التي تجمعت لتُجسد كينونتك، ملهماً لما بين أبعادك وجوارحك، لا يكاد المرء يفرق بين واقعك وبين ما ورائيات خيالك.
قناعات والهامات سلوكية، حتى باتت تجري منك مجرى الدم، فقد استعبدتك طالما استعبدت أفواجاً من مريديها من قبلك، وضمتك ضمن أسرابها من أصحاب الخيال، وسمو الفكر.
أعلم أن مفهوم الشغف، سيقودك إلى فضائيات وعوالم قد لا تطأها أقدامك من قبل، ولا أحلامك، ستجعل منك شخصاً مستكيناً، مكبلاً في قيود افتراضية، بل وسيسير بك في دروب مُوحشة، جائعاً في بعض لياليها الحالكة في الظلام، مستجدياً للحيلة التي ستتحرر بها من قيودك.
قد تشعر بمظاهر الفشل والضيق والعجز أحياناً، حتى تفقد معالم وجهتك التي سترتضيك في نهاية النفق. ولكن ثقتك بقدرات ربك العلي وفطرته عز وجل، ستؤكدان لك أن هناك دائماً ضوءاً منيراً في نهاية النفق.
خطواتك التي تستلهم بها مهاراتك وتسبر بها خفايا مواهبك ستُدمي قدميك، وتترك غصة في مشاعرك، معالم تستنير بها طريق حياتك، ستتذكرها بصخورها البارزة التي آلمتك وستشعر بكل صفعة صفعتك رياح عواصفها الباردة أحياناً واللاهبة في حرارتها احياناً أخرى.
إنها الحياة، تتراقص بنا، سواء كنا شغوفين أو غير شغوفين بشيء، تدفعنا أهداف نريد أن نحققها أو تغاضينا عنها، أمواج شتوية هادئة تتخللها أمواج أخرى صيفية هائجة، تدفعك بعيداً عن لآليها، لتعود بجواهرها عائدة من حيث ما أتت. فقد جاءتك مغرمة عنها مندفعة بغيرها، لا تُسأل هي عما بدر منها. تتحمل أنت وحدك أدوارك ومسؤولياتك، ليس لأحد سواك أن يتحمل معافرتها معك.
هكذا هي الحياة، بأفراحها وأتراحها، تراقصك أمواجها يمنةً ويسرةً، رغم احاسيسنا ودوافعنا ومقدار شغفنا، أن نكون ناجحين ومتفوقين ومتسامحين مع ذواتنا.
الشغف نجاح لدافعيتك الذاتية
أي أن شغفك يتطلب منك أن تكون متصالحاً وناجحاً مع كل ما تمليه عليك ذاتك، متجانساً ومتناغماً مع عناصر دافعيتك الذاتية، وفي نفس القوت قادراً على إعادة تشكيل هويتك، بتعظيم كينونة الذات لديك وتعزيز صدقها وشفافيتها وتصالحها دون زيف للـ "أنا" الزائفة مع عدم تبني أي "حالة احتياج" مصطنعة، بل عليك الاستعداد على إعادة صقلها واستدامة نهجها حسب آمالها وحدود تطلعاتها أو دورها في الحياة.
يتم تطويع الذات من خلال تحقيق عناصر "الأنا" المتصالحة مع النفس دون الأنا الزائفة التي تم ذكرها قبل قليل.
لتدل الدافعية الذاتية، وهي معلم من معالم الشغف، بل صورة متجسدة في أبعادها، تعمل على النفس الإنسانية المغلفة بالفطرة مع معرفة أنواعها المختلفة اللوامة، المطمئنة، الراضية، المرضية، المُلْهَمة، الصافية، الكاملة بقوة وحماسة لا تُحدها تحديات بيئية محيطة بها أو أخطار الحياة من حولها، بل هي القدرة على توجيهها نحو كل ما هو إيجابي ومحفز للتفرد والتميز.
أي أن تتحمل النفس متطلبات دورها المرحلي كاملاً تجاه تنفيذ مهام أي عمل تود إنجازه في الحياة. في أعمالك أو مشاريعك التي تقوم بها لذاتك، أو خدماتك التي تؤديها لغيرك بشغف وحب وعاطفة صادقة مُتحملاً المسؤوليات المترتبة على دورك الوظيفي في كل مرحلة من مراحل حياتك.
هذا بالقدر الذي يتسَنى لك على أطلاق العنان لمواهبك الكامنة وطاقاتها الناشئة عن مهاراتك المكتسبة، والتي ستلتقي بها حتماً حين تسبُر أغوار نفسك باحثاً ومتأملاً عنها بين جوارحك.
لتكتشف مقدار قوتها وأسرارها الأبدية، وتدخل في أعماقها السرمدية لتحاورها وتحاورك من آن لآخر، في ساعة صفاء (ما أقلها عند التعساء منا وما أكثرها عند الناجحين والقياديين).
ساعات صفاء روحية واجتماعية ونفسية متوازنة، تدفعك بدورها على اكتشاف صفاتك الكامنة واستغلال مواهبك الفريدة ومهاراتك المتميزة، ومن ثم استغلالها والعمل على صقلها وجلائها من شوائب الدهر وهموم الحياة اليومية.
إن دوافعك الكامنة هي التي تتسبب في إعطائك حماسةُ ذاتية قوية وشحنة نفسية وروحية دائماً موجبة، مما يجعل لشغفك، عملاً مقنعاً أو تفاعلاً مؤثراً، عليك وعلى غيرك. وحماسة ما بعدها حماسة.
الشغف في البيئة المؤسسية
وعندما ننتقل بالشغف من حياة الفرد إلى شغفه في البيئة المؤسسية، نجد أن العلم الحديث يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، أن الشغف في إنجاز مهام العمل مٌعْدٍ على أعضاء فريق العمل الواحد، في جوارحهم، وسلوكهم. ويعمل على زيادة تفاعلهم في العمل المشترك، بل أنه قابل للانتشار والتأثير بين جميع زملاء العمل بوحدة العمل.
فإذا كنت فرداً تتمتع بالشغف، بالإضافة إلى العزم والمثابرة، رئيساً أو مرؤوساً، كما هو الحال بالنسبة لمقدرات التميز على المستوى الفردي أو على مستوى العاملين بالمؤسسات المتميزة والرائدة. فإن نتيجة تعاملك بما لديم من الحماسة ستظهر جلياً أثناء تنفيذك لدورك وأداء مسؤوليات مهامك الوظيفية، أي عند كل مهمة من المهام المتعلقة بالعمل، وكذا تجاه دورك ضمن فرق العمل التي تعمل معها.
نستخلص من الفقرة السابقة، حقيقة جوهرية؛ مفادها، أنك لا تستطيع التأثير في الآخرين أو إقناعهم بأية فكرة أو إنجاز أي مهمة من دون أن تكون أنت شخصياً، مقتنعاً بها وأنك لن تُلهم زملائك إن لم يَسْرِ الإلهامُ في عروقك أولاً، وهذا ما يتم الإشارة إليه بعامل الشغف.
وعن ذلك يقول الحكيم الهندي بانتا جالي، وهو فيلسوف ومؤسس رياضة اليوجا - 200 سنة قبل الميلاد: ((... حين يُلهمك هدفٌ نبيلٌ أو مشروعٌ عظيم، تتجه أفكارك وحواسك وطاقاتك نحو تحقيقهما فتعبر حدودَ المنطق وتكسر حواجزَ المعرفة وتمتد في الاتجاهات كافة.... فتدخل عالماً جديداً وبرَّاقاً، وتطلق العنان لقواك الكامنة لمواهبك ومهاراتك غير المستثمرة، ستكتشف حينئذٍ ذلك الإنسان الخفي الذي يفوقك عظمةً ويتفوق عليك قدرةُ، ألا وهو "أنت" الذي لم تعرفه بعد، ليحَقِّق أحلامك ويساعدك على بلوغ أهدافك... )).
الإدراك بعوامل الشغف
الدافعية الذاتية والحماسة، هي تلك القوة العجيبة التي تجعلك تفعل المستحيل من أجل الوصول إلى أهدافك، وتحقيق غاياتك، وآمالك بيسر، وطمأنينة، ولكن متى يحدث ذلك؟ بعد معرفة قدراتك الذاتية ومهاراتك التي ستنفرد بها في تحديد أهدافك، وفق الرؤية التي ستضعها وتصيغها لحياتك وممكنات الرسالة التي ستتمتع بها عند التخطيط لمستقبلك، بالإضافة إلى التزامك بأداء الأنشطة والإجراءات التي ستستعين بها أثناء القيام بخططك التشغيلية.
التعريف
الهَوَى وَالمِيلُ نَحْوَ تَحْقِيقِ هَدَفٍ مُحَدِّدٍ أَوْ أَهْدَافٍ مُحَدَّدَةٌ، مُصَدِّرُهُ الاِنْجِذَابُ الشَّخْصِيُّ العَمِيقُ لِشَيْءٍ مَا، والألفة أو الحَمَاسُ الشَّدِيدُ المُؤَدِّي إِلَى شُعُورٍ عَمِيقٍ بِالمُتْعَةِ في إِنْجَازه كَشَكْلٍ مِنْ أَشْكَالٍ الحُبُّ والإيثار وذلك إيمانًا منه بأهميته.
ثَارَ ثَائِرُهُ وَجُنَّ جُنُونُهُ فِي تَحْقِيقِ الهَدَفِ. الدافعية الذَّاتِيَّةُ وَالحَمَاسَةَ هِيَ نِتَاجُ إِدْرَاكِكَ وَتَصَوُّرِكَ (Perception) أَوْ طَرِيقَةُ نَظَرِتكَ وَرُؤْيَتِكَ أو َتَوَجُّهِكَ تُجَاهَ المُسْتَقْبَلِ الَّذِي تَنْشُدُهُ وتتمناه لِنَفْسِكَ.
في الختام
الانسان الشغوف دائماً ما يتحلى بالشجاعة ويتحمل تبعات المخاطر والتحديات والمصاعب التي تواجهه، ليصل إلى تحقيق أحلامه وأهدافه مستثمراً طاقته، وقدراته، وشغفه، وحماسته.
فتحَمَّس دائماً، على تنفيذ أفكارك ومهامك بشغف، حتى يصبح عملك مؤثراً ومثمراً ومفعماً بالمعاني الجميلة، رفيقاً لك ولسلوكك في الحياة، حتى يكون النجاح بإذن الله تعالى حليفك، وفريق عملك ومؤسستك.
م. خالد موسى إدريس
دبي في يناير 202
تمرين - 1
حين تسبُر أغوار نفسك في ساعة صفاء روحية واجتماعية ونفسية متوازنة
ستكتشف صفاتك الطبيعية والفريدة والمميزة لمكامن قوتك في النقاط التالية:
-
1)
...............
2)
...............
3)
...............
4)
...............
5)
...............
ضع قائمة بالقدرات الطبيعية التي تراها في أشخاص آخرين ولا تعلم ما
إذا كانت متوفرة لديك أيضاً أم لا :-
1)
...............
2)
...............
3)
...............
4)
...............
5)
...............
تمرين - 3
ضع قائمة بالقدرات الطبيعية التي تجيدها بالفطرة، وتلك التي تجيدها
بمستوى متوسط وتميل إليها، وأيتها لا تحبها ولا تجيدها على الاطلاق: -
{{... الاستيعاب السليم لقدراتك الطبيعية
(إدراك الذات العقلي)،
جزء اساسي من عملية العثور على مكامن
قوتك...}}.
إذن!؟
}}... مَكْمَنُ القُوَّةِ ... {{
{{...هو نقطة التقاء قدراتك الطبيعية مع
شغفك وميولك الشخصية... }}
م. خالد إدريس
+971507363958