كيف يتم تحقيق الأهداف الحياتية
أثناء جلوسي كالعادة في شرفة شقتي صباح يوم سبت هادئ من أيام الأسبوع ... أيام السبت التي تعد عادة يوم عطلة وعمل في نفس الوقت، عطلة عن العمل اليومي الرسمي بعيداً عنه بالمنزل... ويوم عمل لإنجاز أعمال ومسؤوليات منزلية لا تختلف كثيراً عن باقي أيام الأسبوع الحافل بمهام العمل... وأمامي قهوتي الصباحية وغليوني محشواً بالنكهة اللاتينية المفضلة لدي... شعرت بعش العصفور (بيت) الذي حضرت شاهداً ومشاهداً ومتابعاً لمعظم ساعات بنائه قد سقط وإنهار بجانبي (الصورة المرفقة).
في
البدء تحسرت لفترة، وشعرت بضيق طالما ينتابني مثله عندما أفقد أو ينكسر أمامي شيئأ
مهما كانت قيمته، قد تكون حسرة مبررة على حال العش الذي سقط أمامي وما آل إليه من
وضع جديد، تملكني خلال هذه الفترة، شعور سلبي لم أتوقعه أو غالباً أرفضه ولم أعهد لمثله
في أيام العطلة.
حسرة
غيرة متوقعة جاءت بطاقة سلبية، ألجمتني وقيدتني في مكاني دون حراك، كنت في غنى
عنها في هذا الصباح بالذات، هاجمتني من الخارج، منشأوها حدث خارجي، غير داخلي،
محطماً قناعاتي التي أتغنى بها تجاه فلسفة الحراك التأثيري،
يا
إلهي لقد تحطم البيت !!!... شاهدت مثله، ليلة البارحة على شاشات قنواتنا الفضائية،
لبيت بشري يتم تحطيمه بفعل فاعل، بآليات شيطانية، أعدت خصيصاً لمثل هذه الأعمال
الشيطانية، وهي تهجم على بيت أسرة عربية فلسطينية، محاولة منها على هدمه ومساواة مسطحه بمستوى أرض الله خالقها، ومالك طينه
ورمله وماءه وسماءه، هجمت عليه وهدمته لاعتبارات
وأجندات وتطلعات صهيونية توسعية، يقال أنها صيغت منذ سنين. صيغت في شكل بروتوكولات
منذ خمسينات القرن الماضي، ولم تجد منا سوى كلمات خجولة دُست بين أبيات الرفض
والإدانة، باركتها البعض على ضعفها وهوانها واستحيائها...
يتم
هدم المنزل بهمة شيطانية لم نعهدها بين عمال المشاريع الإنشائية، أكاد أسمع أنيناً
حزيناً لجنبات المنزل وهي تهوى على سطح الأرض... وبالقرب من المنزل المعدوم، بيوت
وحانات ودور عبادة وتعليم ومشافي وأرواح بشرية تغدوا هنا وهناك، أأحياء هؤلاء أم
أموات؟، أراها تتحرك، أرواح بشرية مازالت
متماسكة رغم قهرها وهوانها، معتزة بذواتها، أناس ودور وساحات وحواري لمدن وقرى
عزيزة علينا وعلى نفوس أصحابها، تمثل رمزاً ودليلاً لتاريخ أمة مازالت تحمل الكثير
من صور القهر في وجدان شعوبها ،،، استعماراً خارجياً ولى منذ زمن المستعمرات، أو
استحماراً داخلياً آنياً، في زمن دكتاتوريات بشرية من جماعات شيطانية مازالت تحكم
بعض دولنا، دورها قهر شعوبها، مسؤولياتها محدودة في إشباع مصالحها والطوفان من بعدها....
وملائكية
فلسطينية... تقف هناك، شامخة قوية بين حطام بيتها، واثقة بذاتها، متسامية بقدر وجودها في الحياة،
صارخة حيناً وصامتة أحياناً أخرى، ما أحلى شموخها وصمودها وقوتها وهي تقف وحيدة
بين شياطين الإنس، مدركة إدراكاً كاملاً بحالها وحال ذويها،،، ملهمة وصابرة
بواقعها، وإن كانت تلوك مخيلتها يمنةً ويساراً ... باحثة عن سبب وجودها في هذه
الحياة، وهي مستنكرة لغياب أمم وكيانات أخرستها
مصالحها... في وجود تخاذل آخرين أكثر
إيلاماً من الأولى، أمة عربية مهترئة، مشتتة، متجاهلة بها وبالحد الأدنى من
مطالبها،،،أن تعيش آمنة في سربها،،،، مطمئنة بين أحفادها، بعد أن فقدت فلزات
أكبادها، شهداء عند بارئها، ستلتقي بهم في دنيا باقية، ليست هذه الفانية، تدرك أمي هذه الحقيقة يقيناً ... لهذا فهي تعيش
صابرة وشامخة شموخ وجودها وكيانها ... وإن
لم ولن تجد من ينصفها أحد غيرها في حياتها عاجلاً ، ربما آجلاً بعد مماتها وممات
جيلها واحفاد أجيال من أبنائها... تأمل بهم حياةً، تنصفها بعد غيابها، وتعيد لها
كرامتها، جيل عربي ملائكي في العصور
القادمة، في المستقبل البعيد، يأتي محملاً
بمثل معتقداتها وآمالها لحياة تسود فيها العدل والمساواة والمساءلة...
جيل
قادر على فرض حياة أمنة ،،، تعقبها حياة كريمة يتوارثونها جيلاً بعد جيل ...حياة
يستحقونها، تسود كما سادت مثلها في الماضي البعيد ،،، جيل يبنى بيت هنا ... ولا تهدم
له دور هناك... في عالمنا العربي نعيش عصراً تهدم فيه الدور يومياً، باشكال عديدة،
بآليات الأعداء وكذا بأدوات الأصدقاء، بتنا شعوباً وأمماً نهدم أكثر مما نبني،
حياة لم نرتضيها لأنفسنا، بقدر تخاذلنا أمام المارد الشيطاني،،، أو دور عشوائية على
أطراف مدننا، أقامتها لنا ظروف حكامنها، أو تسببت في إقامتها حكومات أفرادها من
العشيرة، أو حكومات عسكرية، لا علاقة لها بأحكام العسكرية، عندما فقدوا معالم
تخطيط المدن وتعميرها، بفعل حكومات وإدارات تحركها أهوائها،،،
لنعود
من هدم دور البشر لسيناريو عش العصفور... الذي تهدم وسقط أمامي .... هل يعيش
الحيوان كحياة البشر؟ أيعيش نفس ظروف عصرنا؟
،،، يعاني كما نعاني من استغلال خارجي وآخر داخلي، في بيوت مهددة بالهدم..
وآليات شيطانية تحركها مغتصبين وتجار دين ، وأجندات لجماعات رئاسية، وأمنية، وأصحاب حظوة في الجيرة والزيجات وعدلاء،
ونسباء، وخيلان وعمات.
لحكومات
عربية عاجزة في اتخاذ أي قرار مصيري، تتصارع
في إدارة حكمها بين أحزاب يمينية ويسارية، التنوع فطرة الشرع الحنيف وواجبات واستحقاقات حياتية، بينما
تحركها في الحقيقة حقوق غربية المصدر، وأخرون استوطنتهم عقيدة متشددة، أو استبشرت
بمستشرقين أعداء ومرشدين ومريدين يحملون لواء الجهل والجبروت، ما هي إلا اجتهادات
لعقول طالما حملت لواء الجاهلية، طوال تاريخها، وقد سبقتها غياب البصيرة في
حضارتها؛ جهلاً، وانغلاقاً، وتعصباً، فتوجست من وراء شرورها الأمارة بالسوء...مستحكمة
في كل شيء، ومن كل ذي أنسنة فطرية فطرتها خالقها الواحد الأحد... سلعة رخيصة
لجماعات وفصائل دون غيرها، تلوكها على الألسن تجارةً في سلوكها، لتحركها تجاه
منافعها ومصالحها وتستخدمها لصالح حياتها أو تتداولها وتستعين بها في النهب من
المال العام بعد الاستيلاء على مقاليد الحكم، بكل خيلاء وجبروت لم نشهد مثلها في
ماضي تاريخنا،،،، تاركة بذلك دين إلهي جاء بالفطرة وللفطرة خاتماً، بدين واحد
مشترك لجميع العقائد، حمل مسؤولية تبليغه خاتم الأنبياء والرسل أجمعين لرسالات قد
سبقتها ،،،مراحل أعقبتها مراحل إلى أن
جاءت مرحلة ختمت بدين الله وخاتمته، له
عقيدة وشريعة غالية على قلوب شعوبها.
عودة
ثانية لعش العصفور الذي أمامي ...كما لكل شيء تاريخ خلق وبداية تتخللها حياة
تعقبها مرحلة ممات وانتهاء وعدم ... لهذا البيت أيضاً تاريخ،،،، عندما كان في طور
بنائه كان هدفاً لفكرة أو مشروعاً
مرغوباً فيه، ورؤية لها أهداف وغاية
استراتيجية، حلماً لرؤية مستهدفة في حد ذاتها، ومعالجة لحاجة حياتية شديدة الأهمية، إلى أن فقد دوره وانتهى إلى حالة العدم،
عدم لشيء غير مرغوب فيه.... أو مورداً "غير مأسوف عليه" لطبيعة المشاعر
الإنسانية.
وأنا
في هذه الحالة الإنسانية، انتبهت إلى سماع
صوت رقيق من حولي، يدل مصدره على أنه صوت
(زقزقه) طيور يصدر بشكل مستمر في محيط تواجدي، ترددات متباينة لأطوال موجية غير
مكتملة لهارموني الأصوات، أو كما بدأ لي، نعم إنه صوت لعصفورين صغيرين بجانبي وهما
يحاولان الطيران بالقرب مني، للانتقال من مكان لآخر ويكادان تطبيق مهام وظيفية أو
قل، حياتية لم يألفا عليه من قبل بل باتا منهمكين بكل ما أوتيا من قوة ليعيدا
محاولاتهما المرة تلو الأخرى، بصورة متتابعة ومكررة، يريدان الطيران والتحليق في
الفراغ ( سبحان الله) ...
كيف
ولماذا يحاولان تطبيق مهمة حياتية في عالم الطيران؟ ... أليست مهام حياتية جديدة
عليهما؟ لم يألفاها عن مهارة ذاتية أو
يكتسباها عن دورات تأهيلية من قبل ...كيف يحاولان القيام بهذه المهمة ولم يستعدا
لها...أليست لهما وزارة للتربية والتعليم... دورات للتأهيل وإعادة التأهيل
والتلقين والتحفيظ... من خلال مؤسسات تعليمية تقليدية لمدارس ومعاهد وجامعات
تؤهلانهما نظرياً لمثل هذه المهام
والأعمال... أو دورات تنمية بشرية أو برامج ولقاءات متخصصة يحضرانها ليتذكرا محتوى الدورة ويتفاعلا أثناءها،
ويجادلا كثيراً ويناقشا ضاحكين أثناء إنعقداد البرنامج...لينسيا بعدها مباشرة
أشياء يعرفانها من الفطرة والخبرة ( ما أكثر هؤلاء بائعي الكلام في برامجنا التدريبية ؟).
كل
هذه الأسئلة بدأت تدور في ذهني وتأخذ حيزاً مقدراً من تفكيري ...في عالم البشر
نعلم أن لكل منا مخزون لا ينضب من المواهب الذاتية أو القدرات الشخصية، أكثر بكثير
عن المؤهلات والخبرات المهنية المكتسبة،
أو تلك التي نسعى جاهدين لاكتسابها في صورة مهارات وخبرات تراكمية سواء كانت فنية
أو إدارية، تتطلب مصادر خارجية وإدراكاً ذاتياً وبصيرة بأهميتها.
شعوري
يتأجج مع أحاسيس صباحية بين حالة السكون والحركة... حالة هدوء أو حالة سكون كنت
أنشدها.. لكنها تبدلت من غير رغبة مني إلى حالة لحركة شعورية تفاعلية مع محيط
عالمي، لأشاهد بالقرب مني زوجين آخرين يتابعان مثلي صغيريهما ...هما من كنت
أتابعهما طوال أسبوعين سابقين...أكاد أشعر بقسوة تجاههما، حيث أحملهما مسؤولية هذا
التقصير الحياتي وصراخهما ...ومحاولتهما
الفاشلة للطيران أو عجزهما في اللحاق بهما... ورغم ذلك قد يكونا جاهلين لطبيعة دورهما الأبوي، كالبشر في النجوع وبعض
المدن الحضرية، وتقصيرهم في إلحاق أبنائهم بالمؤسسات التعليمية لمرحلة الأساس، وعد
إكتراثهم في تعليم أبنائهم. أو قد يكونان
غير قادرين بتحمل الرسوم الدراسية الباهظة...التي تفرضها عادة حكوماتنا اللاوطنية،
هذا غير الضرائب والجبايات التي تنشط أثناء
إيراداتها دون أن توفر لشعوبها الحد الأدنى من الخدمات، أم هذا التقصير من طبيعة
عالم الطيور دون البشر بشكل عام، تفسير غير واقعي دفع به تحاملي على الأبوين
الماثلين أمامي...الاكتفاء بما لدى أبنائهما من موهبة وقدرات ذاتية على مباشرة أي
عمل حياتي أو وظيفة دون مساعدة من أحد، أم أن
الشهادات والمؤهلات ليست لها قيمة كما عند البشر؟ سؤال جدلي آخر ... دائماً
لا توجد إجابات محددة لبعض الأسئلة التي
تدور من حولنا ايام العطلات.
دعني
يا غليوني ويا صباح سبتي من الأسئلة التي ليست لها إجابات... ما العمل وكيف أستفيد
من هذا اليوم... أأجلس أمام شاشة الحاسوب وأقضي الساعات في مشاهدة فيديوهات عقيمة
ومشاركات في وسائط التواصل الاجتماعي، لا تقدم ولا تؤخر من خلال شبكة الإنترنت
وقنواتنا الفضائية العقيمة...أم أجلس
وأدرس واستفيد من مجرد متابعة ما حولي ...بيئتي ..أم قراءة كتاب من مكتبتي التي
مازالت تضم كثيراً من كتب المعارض المغلفة بورق السلوفان، ما زال كل كتاب أقرأه وأعيد قرأته، يزيدني
إحساساً بتقصيري وعمق جهلي. كنت أحسب قراءة كل كتاب أنه سيزيدني علماً وإدراكاً وبصيرة،،، وإذا به يشعرني بمقدار جهلي الكمي والنوعي ...كفى لست جاهزاً اليوم
لأي استفزاز من أحد، من راوي أو قاص أو كاتباً أو صاحب مشاركة ما كان..، يحمل
رأياً مخالفاً أو متناغماً معي...أم أهرب إلى حساباتي في وسائط التواصل الاجتماعي،
راداً لمتابع يسأل عن بديهة حياتية أو ناقص جاهل يفرض رايه تحكماً... أو مشاهداً
لمقطع شاركه جاهل في جميع حساباتي...
أأنصب
حامل الرسم وأبدأ في لوحة أعبر فيها عن حالي وشعوري في هذا الوقت...كيف وتجربتي
الشعورية فارغة ...السريالية التي أعشقها تطلب معايشة وجدانية لأحاسيس ورؤى
متضاربة، وتجربة شعورية سابقة، من أين لي بها في صباح هذا السبت... أم أكتفي
بتجهيز وتحديد جدول مهام أعمالي للأسبوع
القادم... ثم قررت... لأبدأ يومي حراً ...غير مقيداً بدوافع شخصية، مجرد
مشاهداً لما حولي ... لعلي أستفيد أو أفيد غيري من هذه المشاهدة...لنعش الواقع مع
هذين الأبوين اللذين حمّلتهما منذ قليل مسؤولية تقصيرهما التعليمي تجاه أبنائهما
وهما من كنت أتابعهما خلال الأسابيع السابقة
من خلف الباب الزجاجي الذي يفصل بين مكتبي وشرفة المنزل...منذ أسبوعين كانا
يعملان بجهد في بناء هذا البيت إلى وقت متأخر من ساعات النهار... وبعد
أيام تزاوجا واحتفظا بنتاج علاقتهما
داخل هذا "العش" ثم انهمكا في توفير الغذاء لابنيهما طوال أسبوع
أو أكثر...
الآن
أراهما يطيران من حولي وأحيانا يقتربان من حولهما ويصدران أصوات تنم عن
البهجة والسرور فيما وصلا إليه من نتائج
لأسابيعهم وطوال أيامهم السابقة ...إذن
يحتفلان ويعبران عن سعادتيهما بالمولودين ...يبدو لي أنهما قد حققا هدفاً
مشتركاً.... ثم شعرت حينئذ بأحاسيسي تتبدل وتتغير نحوهما إلى الأفضل... تبعث ببصيص
نور لطاقة إيجابية، تبهج النفس، والشعور لتظهر في السلوك، أكاد أن أكون محظوظاً في هذا اليوم السبتي إلى حضور حفل لم أكن مدعواً
له، وإن كان حضوري هذا من دون بطاقة دعوة
أو محادثة رخيمة كتلك الرسائل التي تدعوك عبر وسائط الأثير وهي تحسب في قرارة
نفسها ما ستدفعه الجهة صاحبة الدعوة مقابلاً مادياً لقاء تناولك وجبة الغداء أو
العشاء حضوراً بتلك الصالة الفندقية... أو الخسارة التي ستتكبد بسببها، صاحبة
الدعوة لمجرد موافقتك لها دون حضور فعلي في ذلك الفندق القصي ذي النجوم الخمسة...
أم
هي عملية تلصص مني نتجت عنها حضور دعوة جماعية لمناسبة صباحية أكتفت لحضورها،
مشاهدة فنجان القهوة التي أمامي دون مشاركتي إياها... فلتكن ما تكون...الأبوان
الوالدان، أراهما الآن محتفلان بهذه المناسبة ...مناسبة طيرانهما، يدفعانهما ويشجعانهما على الطيران لأول مرة في حياتهما... تأملت كل
ذلك وأنا أتأمل روعة هذا البيت الذي تم
تركيبه من أشياء ومكونات أولية بسيطة وهندسة وروعة بنائه ومواصفاته ... رغم محدودية القدرة التي
يمتلكانها ... أو يتمتعان بها حسب تفكيري المتواضع.. "إلهي ما خلقت شيئاً في
الوجود إلا وقد وضعت فيه قدراتك...سبحانك اللهم وبحمدك القادر على كل شيء... إلهي
ما أبدعك وما أبدع قدراتك وأسرارك في مخلوقاتك...."
جال
بخاطري كل ما تقدم من مشاعر وأحاسيس وعقيدة
كامنة...، كما جال بخاطري سؤال تحويلي
آخر، وهو كيف أن هذين العصفورين منذ أن قررا
قبل أيام تكوين أسرة والتزاوج فيما بينهما......أخذا على عاتقيهما دورهما
كزوجين ... وتحمل تبعات هذا الدور بمسؤوليتيهما الزوجية والأبوية... والذي جاء وفق
معايير أفضل الممارسات العامة ووضع خطة استراتيجية وأخرى تشغيلية محددة الأهداف والمعالم لمشروع جديد في حياتهما. استراتيجية
مقترنة بخطة تشغيلية فاعلة في حياتهما (قد يكون المشروع الأول لهما أو الثاني أو
أي ترتيب آخر أو ما قبل الأخير أو الأخير...)
ما
علينا....تم هذا العمل ضمن متطلبات التفكير الاستراتيجي وبناءً على مفهوم المشاركة
(Team Work) في تحديد معالم المشروع، ومن ثم إتخاذ قرار معاً
كان نتيجته مكان المشروع نفسه، وزمان بنائه، مع كيفية بناء بيت الزوجية وحجم تصميمه...والتخطيط
وتوزيع الأدوار على توفير سبل المعيشة والحياة لهما أثناء المشروع، مع إدارة جميع
آليات مرحلة المناولة والانتقال بين البيت ومصادر الطاقة والغذاء...مع توقع وسائل
وطرق تنفيذ باقي الأنشطة التشغيلية وقياس وتطوير جودة العمل وتحسين كفاءة إنجاز
المهام الوظيفية أثناء تنفيذ المشروع، بالإضافة إلى المراجعة الدقيقة لتلك الأنشطة
الحياتية للاستفادة منها عند تعزيز مؤشرات الأداء ومتطلبات تطبيق الجودة الشاملة
في سبيل تحقيق التميز والريادة كما عند
البشر وإدارة قطاع المؤسسات العامة والخاصة...
عندئذ
شعرت أن الابوين تبنا مفهوم الـ (S.M.A.R.T.
) في حياتهما أو مشروعهما هذا، وتطبيقه في تحديد
هدف واحد ضمن خطط تنفيذ مشروع حياتي، متفق كلياً مع الرؤية والرسالة التي
ينتهجانها في مثل هذه المرحلة، كالحصول على أبناء ليشار إليه في هذه الحالة ضمن إطار
تحقيق مؤشرات الأداء الرئيسية (Key
Performance Indicators-KPI) ، وهو ما سيؤول إلى هدف محدد (Specific)، بشكل دقيق. وما إذا كان هذا الهدف محدد إذن يمكن قياسه ، أو يصبح هدفاً يمكن قياسه. (Measurable)..
بالاستعانة بمعايير قياس
المؤشرات المستخدمة في مثل هذه الحالات، مع تحديد وسائل قياس عمليات التغيير المتوقعة
لهذه المرحلة بشكل استباقي. ثم اعتبار الهدف المحدد الذي يمكن قياسه مقبولاً من
قبل القائمين به أو المنفذين له، وهما الأبوين في هذه الحالة، أو متفق عليه أو
حوله (Agreed)، أي متفق عليه بين طرفي الإدارة والتنفيذ
المعنيين بالمشروع وعلى إنتاج نفس المخرجات:
هدف واحد : عصفور، أو أثنين : عصفورين
أو ثلاثة عصافير، بما يحقق الأهداف
مجتمعة بشكل منطقي ... ويكون الهدف في نفس
الوقت، هدفاً واقياً في إنجازه وبلوغه
بشكل طبيعي وملموس (Achievable)
كأهداف واقعية (Realistic) أو ذات صلة بالواقع، يمكنهما القيام به، وعلى
أن يكون تحقيق جميع هذه المراحل والشروط، مرتبط بفترة زمنية مناسبة (Timely)
لطبيعة الأهداف والممكنات المتمثلة في حالتنا هذه في الطقس ودرجة الحرارة والأمان الذي يتمتع به شرفة منزلي، ولقدرات
حياتهما البيولوجية (Capabilities) التي يتمتعان بها ... خلال مدة المشروع أو
المهمة الوظيفية (Time Frame)
ليمثل هذا المفهوم الأخير ما درج عليه البعض من أصحاب الوظائف الإدارية على ذكره ويرطن به
دائماً، ليحمل مفهوماً ظاهرياً بمعنيين
مختلفين، حسب المتحدث أو من قبل المخاطب في آن واحد... سلبي أو إيجابي. مع وجود
علامة تعجب يتوقف حجمها على ذوق المتحدث المسؤول ، أو المرؤوس المخاطب... غالباً
ما ينتج تجاه تفسيرها، قبولاً أو رفضاً، لدى طرف دون الآخر أو لدى الطرفين معاً...
ترجمة مباشرة لحاسة مهارية أو مكتسبة بفعل سنين الخبرة عند صاحبها... أو مغلفة
بذوق شعوري متبادل تجاه تقييم أعمال الغير...." لتشكل هذه المهارة مجموعة
تجارب الإنسان التي يُفسِّر على ضوئها ما يُحسّه أو يُدركه عن الأشياء من حوله".
يا
إلهي ... لقد تعلمت من هذين العصفورين ووالديهما أو أبويهما بمعنى أصح، اكثر مما
توقعت، بل كثيراً مما كنت أجهله... من أراد أن يحقق هدفاً في حياته، فليصيغه في
رؤية يبتغيها لنفسه، أو آمال يود تحقيقها من خلال خارطة للطريق تمثل الرسالة التي سينتهجها
في سبيل تحقيق تلك الرؤية، ويتخذ من أحد
أفضل الممارسات العامة المعتمدة عالمياً مبادئ
توجيهية يسلكها، ويبدأ مباشرة بتطبيق أداة الأهداف الذكية (S.M.A.R.T.
) ، والتي تأتي دورها وصياغتها عادة، بشكل استباقي
(Proactive) ، ضمن عمليات صياغة بنود وأهداف عمليات
التخطيط الاستراتيجي (Objectives
of the strategic planning processes) على المستويين الفردي والمؤسسي، أي أن مفهوم
الأهداف الذكية، عبارة عن أداة أو آلية من الآليات الفاعلة أثناء إعداد سلسلة من
المتطلبات والإجراءات والأنشطة الإدارية الضرورية
لمرحلة "التفكير الاستراتيجي" (Strategic
Thinking)، ومهارة رئيسية من مهارات الإدارة الاستراتيجية الحديثة
على المستوى الفردي والقياديين أو على مستوى الشخصيات الاعتبارية الممثلة أو المعنية بإدارة المنظمات والمؤسسات.
تطبيق هذا المفهوم على المستوى الفردي يتطلب أن يعتمد الفرد على نفسه ويسعى إلى
تحقيق هدفه ذاتياً دون الاعتماد على احد سواه....لن تجد أجوبة لخصائص ومعايير تقييم
الأهداف الذكية من أحد غيرك ...ابدأ بالمحاولات الأولى بالتحليق ... كن إيجابياً ومندفعاً للتعلم الذاتي...
الدراسة النظرية قد تكون مرحلة حياتية غير ضرورية في جميع الحالات وغير مؤهلة دائماً بالقدر الكافي للنتائج المرجوة أو المتوقعة...كن فاعلاً فحسب وأبدأ بالتخطيط ثم التخطيط قبل مباشرة أي عمل....مجرد انشغالك بأعمالك وأدائك لمهام وظيفتك سيكفيك بعون الله تعالى إلى تحقيق كل ما تصبو إليه في مجال عملك وحياتك. (( ...فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا ۖ وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ ۖ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) سورة البقرة ... )) العوز والحاجة قرينان لجميع صور التخاذل والسكون في منطقة الراحة.
+971507363958