الخروج من الصندوق وكيفية توليد الأفكار الابتكارية

Khalid Moussa idris
المؤلف Khalid Moussa idris
تاريخ النشر
آخر تحديث

الخروج من الصندوق وكيفية توليد الأفكار الابتكارية

الخروج من الصندوق وكيفية توليد الأفكار الابتكارية

الخروج من الصندوق وكيفية توليد الأفكار الابتكارية

مقدمة

الدعوة إلى التفكير خارج الصندوق من أكثر الأمور الشائعة والأحاديث المستهلكة في لقاءاتنا الوظيفية والحياتية، وهي رغم أنها تبدو جملة سهلة الاستيعاب، إلا أنها صعبة في الفهم والإدراك وفي تحديد ماهيتها أو كيفية القيام بها وتنفيذها ضمن منظومة الأعمال التفاعلية في الحراك الإنساني، أو باعتبار أن هذه الجملة أداة من أدوات التفكير الابتكاري أو الإبداعي وآلياتهما التي يمكن تنفيذها وتطبيقها. 

لأنها دعوة تفتقد لمعايير القياس وجملة غير محددة المعالم، حتى يستطيع أي شخص إدراكها والإلتزام بها أو إستشعارها في الوجدان ومن ثم الإلتزام  بها حتى الخروج من الصندوق أثناء جلسات التفكير الابتكاري. 

لأن الغالبية من الناس تفضل العيش داخل الصندوق، وأن النفس البشرية عادة ما تركن إلى منطقة الراحة والسكون والطمأنينة داخل هذا الصندوق الذي إتخذته النفس سكناً لها، النفس دائماً تواقة لحالة السكون، دائماً ما تجذبها كل ما ترتضيها لراحتها ولمملكتها التي تحافظ عليها وتنشدها لتبقى بها  في حالة سكون ابدي، دون أي حراك تفاعلي، مكتفية بالمتاح من أعمال وأنشطة تقليدية، تستهويها وتستلزها، وإن جلبت لها التعاسة والضيق وحالت دونها وفرص النجاح، والتغيير والتطوير واكتساب مهارات جديدة مكتسبة بملكتي الابتكار والابداع. 

فالنفس عادة ما تخشى الخروج من منطقة الراحة تلك. رغم أنها تقيدها طوال حياتها، إن لم يسارع إلى كبح دوافعها التي تركن عليها، وذلك استجابة لعوامل خارجية حتى وإن كانت عوامل حسية ملموسة كما قدمنا لها ضمن عرضنا لفلسفة العلاقة بين محوري التأثير في الحراك الإنساني....  بالإضافة إلى العوامل الداخلية والنفسية الأخرى.

لهذا يحدثنا جيوفاني كورازاء  (Giovanni Corazza) في احدى جلسات  (TEDx) عن  آليات الخروج من الصندوق أو التفكير خارج الصندوق،  لتشكل الآلية، تحليل بعض المحددات بالإجابة على عدد من الأسئلة، والتي تدور بدورها خارج محيط المسألة المراد معالجتها،  دون إختراقها، أي أن الإجابات المستخلصة هي محددات تمثل الوسيلة المضمونة لآليات الخروج من الصندوق، والأسئلة  التي تدور حول كيفية الخروج من الصندوق هي.

الخروج من الصندوق وكيفية توليد الأفكار الابتكارية

لماذا؟  Why

لماذا يجب علينا الخروج من هذا الصندوق (المسألة التي تشكلت أمامنا) الذي نعيش داخله بالفطرة؟ لأننا نفضل  كسائر المخلوقات، العيش في منطقة الراحة التي طالما إرتضيناها لأنفسنا والتي يوفرها لنا هذا الصندوق المصمت، آمنين، مسالمين، دون مزيد  من التحديات والمنقصات والتجارب الحياتية الجديدة. حتى وإن كان الخروج من منطقة الراحة لضرورة حياتية أو إقامة علاقات وارتباطات عديدة ، وهي تلك التي  تحكمها متطلبات العيش في بيئة تشاركية سليمة بما حولنا، لهذا علينا طرح هذا السؤال، والإجابة عليه بكل شفافية.

أي صندوق Which box   

وهو الصندوق الذي ندرك وجوده في حياتنا، ونستطيع توصيفه وتحديد معالمه بكل دقة (مدى فهمنا وإدراكنا بالمسألة، وعلاقتها بمعتقداتنا وعاداتنا وثقافتنا وعقيدتنا...)  أي ذلك الصندوق الذي نشعر به ونملكه في أذهاننا سلباً أو إيجاباً، ضمن حدود مداركنا وقناعاتنا الذاتية، والتي ترتقي عادة بقدر إدراكنا المعرفي بذواتنا والبيئة التي نعيش فيها أو عليها من جهة، ومن الجهة الأخرى على مدى إدراكنا بالقصور تجاه أمر من أمورنا الحياتية المرتبطة بالصندوق الذي نحمله في عقلنا الباطن،  إذن تُكمن الشجاعة في قدرة الإنسان على تحديد خصائص الصندوق المغلق الذي نعيش داخلة، وصفه بشكل دقيق، مع مدى إدراكنا واستعدادنا تجاه احتمالات الخروج منه.   

 كيف يمكننا الخروج من الصندوق HOW     

يتطلب كيفية الخروج من الصندوق الذي يقيد أفكارنا، بعد تحديد الصندوق الذي هيمن على تفكيرنا تجاه معالجة أمر ما، بالإجابة على السؤال السابق : أي صندوق؟ ... قياس حقيقة إدراكنا وفهمنا (لمعالجة حيثيات المسألة تحت الاختبار)  من حيث قدراتنا الذاتية، سواء كان إدراكاً يعززه موهبة فطرية أم مهارة مكتسبة. أو قوة تركيزنا وتفاعلنا تجاه مشاهداتنا اليومية ولمن حولنا، ومدى ملائمة هذه القدرات لظروف تفكيرنا وأحاسيسنا ومشاعرنا، أو مدى انحرافها عن قناعاتنا وسلوكنا وبعض المسلمات والاحتياجات الأخرى التي نلتقي حولها.

وهي القناعات المرتبطة بعقيدتنا الإسلامية، حيث لا توجد قوة دنيوية تستطيع تغييرها من الوجدان. لهذا كل من يملك إدراكاً فطرياً سليماً، يستطيع أن يتجاوز الاسلاك الشائكة التي تقيده في حياته، بل ويذهب بعيداً إلى الفضاء الخارجي، مواقع لم تطأها أقدامنا من قبل، يكون فيها حراً،  منطلقاً  بالأجوبة العديدة التي يبحث عنها بكل مرونة لنفس متصالحة مع ذاتها. أي بما نملك من أدوات للتحكم والسيطرة على عواطفنا ومشاعرنا وسلوكنا.

لهذا فإن التفكير الإبداعي  المبني على الفكرة الابتكارية لا يكتفي بالإجابات الأحادية لهذا السؤال، بقدر تمسكنا بالبدائل من بين الإجابات الكثيرة التي تهاجم تفكيرنا وتتداخل في عقولنا، مع  ما تعترضه من دوافع ضد ملكة البقاء  والسكون في هذه الحالة إلى الشعور لأطول مدة خارج الصندوق، والاستمتاع بالحياة. 

يتملكنا شعور  إيجابي،  كلما طالت مدة بقائنا خارج الصندوق، كمن يمشي الهوينا مُتباهياً بما من الله عليه من أنعام، وأنوار، وأحياه بعد أن كان ميتا. لهذا فإن خلاصة الإجابة على هذا السؤال : كيف يمكننا الخروج من الصندوق؟، ستشير إلى أننا تمكنا من توليد الأفكار الابتكارية  المستهدفة أو  استطعنا القيام بالمشاريع الإبداعية التي ننشدها من وراء بقائنا خارج الصندوق لأول فترة، مع ما نشعر به من احساس على مقاومة العودة أو الرجوع مرة أخرى إلى منطقة الراحة الأبدية التي إرتضيناها لأنفسنا فيما سبق، والإدراك المعرفي بقيمة ذواتنا كفيل على كيفية توليد الأفكار الابتكارية،  متى ما شئنا، وهي المنطقة التي تُعد أكثر أمناً وسلاماً لمُستقر النفس وراحتها طوال الحياة. ولكن ما هي هذه القيمة، وهو السؤال الرابع، الذي ستفيدنا الإجابة عليه، على تحديد معالم القيمة المستهدفة. 

ما هي القيمة What is the value ؟ 

وتأتي هذه المرحلة لتقييم ومعايرة الأفكار المتولدة / أو الأجوبة العديدة التي حصلنا عليها خلال الفقرة السابقة، وعملنا من خلالها للوصول إلى الإجابات المثالية أو الفكرة التي تتميز بالتفرد من دون باقي الحلول والأفكار، والتي ستبدو في الغالب فكرة غريبة أو غير طبيعية رغم تميزها وصعوبة الإلمام بها في بادئ الأمر ، والقيمة العالية التي تتمتع بها في أهميتها وملاءمتها لإجابة السؤال الرئيسي المطروح الذي كنا نبحث له عن إجابة ملائمة... .  كيف نخرج من الصندوق؟ ...  أو حلولاً وأفكاراً لمعالجة المسألة المعروضة علينا، حتى ندعوا الآخرين.... أو متى  ندعوا الآخرين للخروج من الصندوق؟ وهو السؤال الأخير. المتعلق بما هو شائع داخل مكاتبنا ومعاملنا ومواقع عملنا. 

متى  يتم دعوة الآخرين في مؤسساتنا، الخروج من الصندوق When? 

الخروج من الصندوق وكيفية توليد الأفكار الابتكارية

نعيش ضمن بيئة تحكمها علاقات تشاركية وارتباطات مجتمعية معقدة، إلا أنه يصعب معرفة مدى استعدادنا للخروج من الصندوق كأفراد أو مجموعات، أو الطلب من الآخرين للخروج من داخل الصندوق ... والتفكير حسب مقتضى الحال الذي نراه مناسباً لنا ولغيرنا في توليد أفكار ابتكارية متميزة، اعتقاداً منا بأنها مسألة يمكننا تحقيقها بسهولة، فقط حال طرح السؤال يمكننا الحصول على إجابات، أو عند استجداء الآخرين للخروج من الصندوق... !!!! 

 لهذا تُعد دعوة الآخرين للتفكير خارج الصندوق أثناء اللقاءات والاجتماعات الوظيفية بشركاتنا ومؤسساتنا، تحدياً لقادة ورؤساء العمل، لأن مطالبتهم لمرؤوسيهم أو حثهم علي التفكير . واستنباط أفكار ابتكارية،  ما  هو  إلا  استهلاك إداري، ويرجع ذلك لعدد من العوامل المؤسسية والشخصية، منها بيئة العمل والنظم الإدارية المتبعة في تقدير وتحفيز المرؤوسين أو سياسات ولوائح ومعاقبة القصور والمقصرين لديهم، وعوامل الاختلاف في شخصية القادة والمرؤوسين أنفسهم، ومدى إلمامهم بمفاهيم أخرى مرادفة أو مكملة لمفهوم الخروج من الصندوق. مثل الذكاء العاطفي والاجتماعي،  بالإضافة إلى قدرة المؤسسة على إدارة المعرفة وتعزيزها ومبادلتها بين جميع المستويات. 

وفي الختام لي رأي 

اختتم حديثي تجاه مسألة الخروج من الصندوق، أو كيفية   الإشارة لمفهوم الخروج من الصندوق والتفكير بمقتضى ذلك برؤيتي الخاصة، التي أرى فيها؛ أن الذي يفكر خارج الصندوق...

هو شخص طبيعي، كمن يستمع إلى مقاطع موسيقية هادئة أو سيمفونية حالمة، أو لآيات من الذكر الحكيم يصدر من مذياع قديم يعمل بالصمامات المفرغة، لقارئ من ذوي الأصوات الملائكية ينتمي لعصر غير عصرنا.

 وقد ألهمته الأصوات الصادرة حالة الوجد، والعشق، والنزاهة، والصفاء، وغير ذلك من تلك الحدسيات الإدراكية الجميلة...

استجابةً وتجاوباً مع المقاطع الموسيقية والسيمفونية ولمراد الله الجميل بذاته، 

بمشاعر وأحاسيس تنقله لأماكن وأزمان لم يتوقعها، ولم يخطط لها، ولن يجرؤ باستدعائها مرة أخرى، رغم كامل إدراكه بذاته.

حيث المكان أو الزمان مجردين من جميع المحددات الوجودية. 

إنها هالة إنسانية افتراضية للاوعي الشعوري، تستنصر فينا الانتقال إلى حالة الماورائيات، ما وراء الطبيعة، الميتافيزيقا   Metaphysics or Supernatural ، 

أو تسترضي فينا مخاطبة اللاشعور في عقلنا الباطن وهو بحق، حالة للإدراك العاطفي. 

ولكنها حالة فعالة وفاعلة في نفس الوقت ( Efficiency & Effectiveness)، وإن تماهت وتناثرت في عمق الفعل والفاعل الإدراكي طالما استجبنا لها، ما لم نسع للخروج من هذه الحالة ومن قيود الصندوق، استحضاراً وتفاعلاً بتحطيم الأغلال التي تُقيدنا، التي تحول دون إبداء حراكنا الفطري... من منطق السلوك المحكوم عادة بكل مغاليق النفس والأنا الزائفة. وهي التي تبقينا داخل منطقة الراحة مُستجيبين لمحددات ذواتنا وقصورها بالعيش داخل الصندوق، عليه فإن الخروج من الصندوق.

  • حالة ادراكية أقرب للخيال، لا يمكن التحكم فيها، لأنها حالة شعورية في اللاوعي، كما هو الحال بمن اشتم رائحة تذكره بحبيب له، لقريب أو صديق أو زوج، فتنقله إلى مكان وزمان دون الواقع، 
  • ليستدعي ويعيش في ذكريات بعيدة، إحساس لواقع إفراضي غير ملموس، مشاعر وجد وعشق تحكم حالته وحده، 
  • لا يستطيع أن يدعو أحداً آخراً على مشاركته نفس المشاعر، 
  • نفس سامية بمحيطها في الواقع الافتراضي، بأبعاد شعورية عديدة، تفوق في عددها لما بعد الأبعاد الثلاثة المعروفة في المجسدات من حولنا، وإلى ما أبعادها في عالم الخيال
  • حينذاك فقط، مع قليل من الإدراك الذاتي والصحوة الروحية والحكمة في الخيال، يمكننا أن نتمتع بالحياة خارج الصندوق، لتأتي الأفكار الابتكارية منسابة أو مندفعة ومتلاحقة ومتلاطمة لبعضها البعض، 
  • طالما بقينا خارج الصندوق، لتكون المحصلة، مُذاهنة عقلية مدركة، وتفكيراً خارج الصندوق.


  تقبلوا فائق تحياتي

مهندس: خالد موسى إدريس شـريف

Electronics Eng. Khalid Moussa Idrees Sharief


B.Sc. Degree in Electronics Engineering

ITIL ® 3&4 - PCT, TOT, -  BA - IC3 Certified

تعليقات

عدد التعليقات : 2
  • خطاب عبدالله5 مايو 2022 في 7:44 ص

    المقال ممتاز جداً.. وفعلاً التفكيرخارج الصندوق ضروري جداً بالذات للمؤسسات التي تنشد وتطمح ان تكون متميزة وناجحة نجاحاً كبيراً وتعمل في بيئة تنافسية حادة.. لذا أفكار وابتكارات العاملين ضرورية جداً. وهم يفكرون خارج الصندوق ويكون التفكير مرتبط بنهوض وتقدم المؤسسة كهدف كلي.. مقال جميل ويفتح الاذهان للعصف الذهني الشديد.

    إضافة ردحذف التعليق

    » ردود هذا التعليق

    • Eng. Khalid Moussa Idris photo
      Eng. Khalid Moussa Idris30 أغسطس 2022 في 1:56 ص

      نعم كما ذكرت أخي خطاب عبدالله، نحتاج للتفكير خارج الصندوق وفق منهجيات معتمدة تساهم في تعزيز ظروفنا الحياتية، وأهتمامك بقراءة المقال والتعليق لهو إشارة واضحة على استعدادكم لحذو هذا المنحى في الحياة العامة. شكراً لمروركم مع فائق تحياتي القلبية.

      إضافة ردحذف التعليق

      » ردود هذا التعليق